شتان ما بين الأمس واليوم

منطقة القطيف تقع على الساحل الشرقي للخليج العربي، ومن المناطق التي يعشق أهلها الرياضة حتى الجنون, رغم افتقار أنديتها للأمور المالية وللبنى التحتية، إلا أنها ومازالت رافداً من روافد الوطن، تغدي منتخباتنا الوطنية بلاعبين من العيار الثقيل.

كنا أيام زمان نلعب كرة القدم للمتعة والتسلية والتحدي ما بيننا، وكنا نلعب وندفع المال من جيوبنا الخاصة لشراء الكور والملابس الرياضية وغيرها من الأدوات اللازمة، كنا نلعب بروح طيبة أخوية وحب كبير للعبة كرة القدم وللأندية التي نلعب لها، ولكن ألان شتان مابين الأمس واليوم, في الأمس كنا نلعب من اجل الفوز والتحدي والمتعة، أما شباب اليوم يلعبون من أجل المال والشهرة.

وهذه ضريبة التطور الرياضي الذي يسمونه الاحتراف, من أين للأندية الفقيرة مثل أندية القطيف توفير السيولة المادية الكافية للصرف على كرة القدم ، والتي تتطلب إمكانات مادية كبيرة، تستنزف ميزانيات الأندية كلها بل لاعب واحد محترف في كرة القدم يأخذ الميزانية بأكملها وتبقى الألعاب الأخرى بدون ميزانية, وأكبر دليل على ذلك الفرق الكبيرة التي صرفت مئات الملاين ولم تستطيع إسعاد جماهيرها، فكيف نحن أندية الظل الفقيرة والمسكينة والمعتمدة عل ميزانية الرئاسة العامة لرعاية الشباب والتي تغطي الجزء اليسير من مصروفات النادي.

فمثلاً نادي الابتسام التي يحتضن تسع ألعاب اثنتين منها غير متفوقة وهي كرة السلة التي أنشئت حديثاً وكرة القدم التي تتطلب إمكانات ضخمة للوصول بها إلى المنافسة والسبع ألعاب الأخرى كلها متفوقة, لكنها تحتاج إلى الدعم المادي والمعنوي ليتسنى لها الاستمرار في المنافسة الشريفة وحصد النتائج الايجابية.

أما كرة القدم فقد أسسنا فريق براعم وعلينا دعمه وتشجيعه والصبر عليه حتى يتمكن من خوض التجارب والحصول على الفائدة، ومن ثم سيصبح فريق المستقبل الذي نضع علية الآمال والطموحات لتحقيق ما نسعى ونصبوا إليه فهم أشبال اليوم وشباب المستقبل.

هناك بعض النقاط التي أدت إلى تدني لعبة كرة القدم في منطقة القطيف، والسبب الحقيقي في ذلك عدم توفر الإمكانيات المادية، وعدم توفر البنى التحتية والأساسية للأندية من ملاعب كرة قدم عشبية، وصالات رياضية مغلقة لكرة السلة، وكرة الطائرة، وكرة اليد، وكذلك ألعاب الجمباز، والتنس الطاولة، والحديد، والكاراتيه، وسلاح الشيش، ومسبح، وغيرها من الملاعب الضرورية مثل ملاعب التنس الأرضي,و من الأسباب الرئيسة التي أدت إلى تدني لعبة كرة القدم في منطقة القطيف ومنها على وجه الخصوص :

المال: الذي هو عصب الحياة وروح الرياضة وبه تتقدم الرياضة وتحقق النتائج الايجابية والمرجوة ، وبدونه يخبئ ضوئها بل تنحدر وتتلاشى وتصبح في موغرة الركب, وهذا بالطبع أنعكس سلباً وسينعكس أكثر في السنوات القادمة على الأندية.

فكيف ننتظر أن تزدهر كرة القدم على وجه الخصوص في منطقة القطيف ولا يوجد الدعم الكافي الوافي للصرف على اللعبة وتوفير المتطلبات والاحتياجات اللازمة لها, فالأندية تفتقد للمال الذي هو الدافع والمحرك الحقيقي للرياضة، حيث أن أولياء الأمور يبحثون عن الأندية لتسجيل أبنائهم بحثاً عن المال، وليس لكي يبدعوا في الملاعب ويسجلوا حضورا مشرفا لهم وهذا الفرق في هذه الأيام فالكل يبحث عن تامين مستقبله مادياً.

البنية التحتية: لا توجد بنية تحتية أساسية من ملاعب، وصالات رياضية، وصالات حديد، وبرك سباحة إلا مدينة المغفور له بأذن الله صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز الرياضية بمحافظة القطيف الغير قادرة على استيعاب الكثير من تمارين الأندية بسبب ضغط المباريات الرسمية.

الرئاسة العامة لرعاية الشباب: وللأسف لا يوجد الدعم الكافي والوافي من الرئاسة العامة لرعاية الشباب لتغطية مصاريف واحتياجات الأندية من أجهزة فنية ذو كفاءة عالية، ومن لاعبين جيدين، ولبس رياضي، ومكافآت تحفيزية، وتغذية، وعلاج، وصيانة، فالميزانية التي تحصل عليها الأندية قليلة جدا مقارنة بالمصروفات.

القطاع الخاص: نحن نشاهد أندية تمتلك الرعاية من القطاع الخاص، أومن دعم أعضاء الشرف، وأندية أخرى تصارع الوقت من أجل تأمين مرتبات المدربين واللاعبين والعاملين وغيرها من المصاريف من صيانة وكهرباء وتلفون ومحروقات.

أسعار اللاعبين والمدربين الباهظة الثمن: أصبحت تجارة اللاعبين أحد أسباب التراجع والتدني لكرة القدم بسبب الأسعار الباهظة الثمن والمبالغ فيها للمدربين واللاعبين، حيث لا تستطيع معظم الأندية استقطاب لاعب محترف ذو إمكانيات عالية للعب مع الفريق، وكذلك ايضا رواتب المدربين العالية.

الإعلام: الإعلام شريك حقيقي في تطور الرياضة وتقدمها وازدهارها بتغير التفكير للاعبين في كيفية ممارسة كرة القدم, يجب أن يتغير وان يستشعر الجميع بالمسؤولية بدلا من الوضع الحالي الذي أخد في التصاعد وأصبحت الأندية مثقلة بالهموم والديون.

وفي نهاية حديثي أتمنى من الرئاسة العامة لرعاية الشباب ممثلة في رئيسها صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن عبد العزيز أعزه الله:

1- النظر في ميزانية الأندية وزيادتها لتغطي على الأقل مصاريف الأندية ونشاطاتها الرياضية والثقافية والاجتماعية.
2- العمل على بناء بنية تحتية أساسية للأندية التي تفتقر إلى مقرات ليتسنى لها العمل باحترافية ومواكبة التطور الرياضي والثقافي والاجتماعي.
3- السماح بمدربين أثنين في كل لعبة على حساب الرئاسة العامة لرعاية الشباب وخاصة في الألعاب التي تلعب في الدوري الممتاز أسوة بكرة القدم.

كما أتمنى من القطاع الخاص، ومن الشركات، والمؤسسات، ورجال الأعمال، وأعضاء الشرف، والجماهير المحبة والوفية دعم الأندية الرياضة مادياً ومعنوياً، ليتسنى لها مواصلة المشوار برغبة صادقة وتنفيذ كل البرامج والخطط الطموحة للوصول بالنادي إلى منصات التتويج.

التعليقات 2
1
سعيد جاسم
[ القطيف - القطيف ]: 19 / 12 / 2012م - 11:23 ص
لعبة كرة القدم نعم صعبة بظروفها ومستلزماتها ولكن ليس هذا السبب من يجعل فريق كالابتسام ينسحب من المباريات وتستقبل شباكه 100 هدف في كل الدرجات في موسم واحد فمهما يكن فهذا يترك انطباعا سيئا على الجيل القادم جيل المستقبل كما سميته أستاذنا العزيز.
2
فوزي احمد امان
[ المملكة العربية السعودية - القطيف/ام الحمام ]: 22 / 12 / 2012م - 8:54 ص
لتعبير الحسن عما يجول في النفس أدب عال أخذ الله به أهل الديانات جميعا، وقد أوضح القرآن أن القول الحسن من حقيقة الميثاق المأخوذ على بني إسرائيل على عهد موسى (وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا)، فليكن شعارك القول الحسن.

التقدير موصول لحضرتك الكريمة بمرورك و قراءتك مقالتي المتواضعة شتان ما بين الامس واليوم ، والتعليق عليها بروح المحب والغيور على قدم الابتسام ، هذا ما اظنه يا عزيزي ، فانا وبكل امانة اتكلم واتحدث في مقالتي عن الاسباب التي أدت الى تدني مستوى لعبة كرة القدم في منطقة القطيف ولبس في نادي الابتسام. نادي الابتسام له رجاله الذين يخططون للارتقاء به والوصول به الى عنان السماء. لقد عايشنا لعبة كرة القدم مند سننين طويلة ولكن السؤال أين فرق المنطقة منها. هل وصلت الى ما نسعى ونصبوا اليه؟ هل أندية المنطقة تملك المال للوصول بقريق كرة القدم الى الدوري الممتاز ، بعكس الفرق الاخرى كاللعبة اليد التي وصلت الى العالمية بفضل اشقائنا لاعبين نادي مضر واخواننا في النور في البطولة العربية والخليجية.

نحن في نادي الابتسام سجلنا اكثر من مئة هدف في بعض الالعاب ضد بعض أندية المنطقة ، ولكن هذا لا يجعلني اسخر من الفريق الاخر ، لانني مؤمن لان لكل لعبة ضروفها ، ربما النادي الذي استقبلت شباكه مئة هدف أو اكثر هو يخطط للمستقبل بصغار اليوم وشباب المستقبل ،

هل تعلم مايدور في كواليس الاندية من خطط وبرامج واستراتجيات ، لا تستعجل الامور ويكون النقد لمجرد النقد سلبيا ، ولكن علينا بالتحليل والنقد الايجابي الموضوعي والتفاءل بالعمل والمساندة من الجميع لمستقبل مشرق لاندية المنطقة.

رغم الامكنيات المتواضعة الا تنسى أن الابتسام يحتضن تسع لعبات ، منها سبع لعبات متفوقة على مستوى المملكة ، وهذا يحتاج لمجهود مضاعف ، بالاضافة الى المال والبنية الاسياسية من ملاعب وغيرها التي تكلمنا عنها في المقال ، ولعبتين في طريقها الى التوفق هي لعبة كرة القدم ولعبة كرة السلة والوقت كفيل لاثبات ذلك.
شكرا مرة اخرى على مداخلتك وعلى المساهمة والكلام الجميل ، واتمنى من الله لك الموفقية ، ودمتم بخير وأمان وسعادة.
عضو شرف